غير مصنف

“الذراع الطويل”.. مراجعات في معركة خاسرة عسكريا وناجحة سياسيا واسرار تخرج لاول مرة

القيادي بحركة العدل والمساواة الفريق ابراهيم الماظ يروي تفاصيل المعركة واسباب تاخر ساعة ال

تقرير: “eleven news”

في العاشر من مايو ٢٠٠٨  كانت البلاد تقف على مشجب الترقب السياسي. خطا فاصلا في المشهد برمته، بدأت ترتسم ملامحه وقتها. الانباء عن اقتراب وصول حركة العدل والمساواة الى الخرطوم لغزوها، تتملكها الاجهزة الامنية، في وقت  كان يمارس فيه المواطنون حياتهم بصورة طبيعية، قبل ان تنقطع المعلومات في ذلك اليوم، وتجد الاجهز الامنية يومها امام الامتحان الصعب، عقب توغل القوات الى العمق الامدرماني، لتشهد امدرمان معركة حامية،  انتهت بإنتصار الجيش وتكبيد العدو خسائر كبيرة لتصبح بذلك  عملية (الذراع الطويل) وهو الاسم الذي أطلقته الحركة على مخططها السياسي والعسكري، خطا فاصلا في المشهد السياسي السوداني.

انتحار عسكري


ربما بدا السؤال حول كيفية وصول حركة العدل والمساواة  لامدرمان والفتك بالسياج الامني للعاصمة، هو احد اهم التساؤلات التي كانت ولم تزل تبحث عن إجابة. كيف دخلت؟ ومن ساعدها؟ ولماذا انقطعت معلومات اقترابها بعد أن كانت متوفرة؟ كل هذه التساؤلات وغيرها بعد أن غدت المعركة وصمة على جبين الحكومة التي كشفت أنه بالامكان دخول أي من كان، كيفما اتفق له، الا أن الاجهزة الامنية والسلطات كانت وظلت دائمة الحديث عن أن ما حدث ظهيرة العاشر من مايو لم يكن سوى مخططا للايقاع بالحركة عبر تملكهم معلومات مسبقة بقدومها، الا أن سوء التقديرات بحسب اللواء حسن صالح قائد سلاح المهندسين، وقتها هي التي مكنت العدل والمساوة من تحقيق ما حققته، مؤكدا في تصريحات سابقة، ان الحركة إستطاعت تحقيق اهدافها السياسية عبر وصولها داخل الخرطوم الا انها إنتحرت عسكريا. في مقابل ذلك ظلت قيادات بحركة العدل والمساواة، دائمة التشكيك حول علم الحكومة بقدومهم، مؤكدين على أن الحركة استفادت، من عنصر المفاجأة، في غزو بلد بقوة، غير متكافئة وبحسابات عسكرية غير منطقية، حيث أنه لم يكن في مقدرا الحركة الوصول لامدرمان ولكن عنصر المفاجأة مكنها من الدخول.

بداية الحكاية


الفكرة لغزو أمدرمان بدأت في أعقاب تلقي الحركة دعم كبير من دولة تشاد، التي أرادت أن ترد الصاع للحكومة السودانية، الداعمة لحركات المعارضة التشادية. وقتها اختمرت الفكرة لرئيس الحركة الراحل د. خليل إبراهيم، بعد أن قام الرئيس التشادي الراحل ادريس ديبي، بإلحاق مجموعة كبيرة من افراد الحركة بسلاح المدرعات التشادي حتى، يتلقوا تدريبات متقدمة في البيادة وانواع مختلفة من الاسلحة والصواريخ والمدافع، ثم قدمت دعما شمل عدد كبير من الاسلحة القرنوف والاربجي بجانب سيارات لاندكروزر وأخرى محملة بالاسلحة الخفيفة والمدفع 3اس بي ومضادة للطيران عيار 14.5 ودعم مالي قدره مليون يورو كما قامت الحكومة التشادية بعمليات تجنيد إجبارية داخل معسكرات اللاجئين والاطفال.
طرح د.خليل إبراهيم، فكرة الغزو، لكنها وجدت اعتراض من بعض أعضاء الحركة، لكن وعلى الرغم من هذا الاعتراض الا ان السيف قد سبق العزل.  وفي حديث   لنائب رئيس حركة العدل والمساواة “محمد بحر محمدين” فإن الاختلاف مع خليل في كيفية الدخول لامدرمان، كانت أحد عوامل الفشل، مشيرا إلى أن وعقب خروج الحركة من تشاد قاموا بعقد إجتماع لوضع خطة للنظر في الكيفية التى تمكنهم من الوصول لامدرمان وتنفيذ مخططاتهم الا ان إختلاف الاراء جعلهم ينقسمون إلى فريقين الاول يرى الخروج مباشرة عبر شمال دارفور والوصول للهدف، بينما يرى الفريق الاخر أن الافضلية تكمن في التحرك من ولاية كردفان وتحريك القوة الموجودة بها، تفاديا للخطأ التكتيكي الذي وقعت فيه قوات المرتزقة في عام ١٩٧٦، الا ان د.خليل كان يرى الراي الثاني اشبه بالمحاولة الانقلابية، وتم حسم القرار بالسير عبر الطريق الصحرواي الذي أصبح سببا رئيسا في عدم نجاح المعركة وفقا لحديثه.

طابور خامس

لم يكن الوصول إلى مدينة امدرمان بالامر اليسير، فقد كان الطابور الخامس للحركة بالخرطوم يمدها بحركات الجيش والأمن، بجانب قوى سياسية داعمة أيضا. كل هذا جعل الحركة تواصل تقدمها نحو أمدرمان رغم جهلها بالطريق، ما جعلها عقب وصولها لوادي المقدم بإختطاف إثنين من المدنين وأرغماهما على إرشادهم لطريق شريان الشمال. بعد وصول الحركة الطريق تم إخطارهم بخلو أمدرمان الغربية من أي قوات، وفي غضون ساعات كان قوات حركة العدل والمساواة على مشارف امدرمان إيذانا ببدء تنفيذ مخططها، وعبر مناورات تمت بين قوات من الجيش والحركة لم تتمكن القوات المسلحة من القضاء عليهم نسبة لتنكرهم في شكل خيام وقرى بالنهار والتحرك ليلا. إستطاع المتمردون الالتفاف حول مدينة امدرمان نسبة للسيارات السريعة التي يمتطوها وتمكنوا من الدخول اليها عبر مجموعتين (شمالية ـ جنوبية) ولكن نسبة لعدم المعرفة الجيدة بإمدرمان وكذا الجهد والاعياء لقوات العدل والمساواة فقد تمكنت قوات الجيش تمكنت من حسم الامر ودحر المجموعة الشمالية في شارع العرضة، فيما كانت المجموعة الجنوبية تحاول الوصول إلى الخرطوم لكن تمت مهاجمتهم من قبل قوات سلاح المهندسين التى تمكنت منهم عقب معركة حامية شهدها جسر الانقاذ الذي وضع حدا لعملية (الذراع الطويل)، كبلت معه العدو خسائر فادحة، افقدت الحركة ٩٠٪ من قادتها ومعداتها.

جبريل يصلي المغرب في امدرمان

ويكشف نائب رئيس الحركة الفريق ابراهيم الماظ ل(eleven news)، تفاصيل تروى لاول مرة عن المعركة، مؤكدا أن ساعة الدخول إلى امدرمان كان مقرر لها فجر الجمعة لكن لسوء بعض التقديرات تم التأخير يوما كاملا
يقول الماظ: هناك عوامل كثيرة من بينها تأخر دخول بعض القوات، هي التي جعلت الحركة تصل الخرطوم صباح السبت، فقد حرصنا على يوم الجمعة حتى لا يتم الاحتكاك بالمواطنين.وسخر في الوقت نفسه من حديث وزير الدفاع وقتها عبد الرحيم محمد حسين، باستدراج القوات للدخول إلى العاصمة، مؤكدا أنه ليس من المعقول المخاطرة بأرواح المواطنين إلى هذا الحد.
وتابع: عقب الاشتباك مع قوات الأمن والأجهزة الشرطية، طلب دكتور جبريل الذي كان يقود العملية بنفسه الانسحاب، بعد أن ظل موجودا في أمدرمان إلى أن صلى صلاة المغرب في جسر الإنقاذ
ويرى مراقبون أن حركة العدل والمساواة إستطاعت تحقيق هدفا إعلاميا كبيرا يحسب لها رغم هزيمتها، بجانب أن ما حدث اوضح للقوات المسلحة أنه يجب أخذ عدد من الاحتياطات والاحترازات في مقتبل الايام، كما أنه حقق إستفادة إعلامية واسعة للحركة التي نالت حظا وافرا من الشهرة في اعقاب عملية الغزو التي جعلتها معروفة عالميا.
وبحسب نائب رئيس الحركة الفريق إبراهيم الماظ فان المعركة كانت وسيلة وليس غاية.
واكد الماظ ل (eleven news) أن الهدف كان توصيل رسالة للحكومة أنه إذا كان بيتها من قزاز فلا يجب عليها أن تقذف الآخرين بالحجارة.
وقال: هدفنا أيضا إلى إسقاط قناعة الآخرين في قوة الإنقاذ، لان الكثيرين كانوا يعتقدون انها قوية ولا يمكن اختراقها، واكمل: خططنا لعملية ذراع أطول لكن رحيل الدكتور جبريل عطل الأمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى